الاثنين، 6 يونيو 2011

من يُسيء إلى الإسلام؟!


PDF طباعة إرسال إلى صديق
أيمن عبد الرسول   
الأحد, 05 يونيو 2011
بينما كانت الشمس تأكل رؤوسنا ـ نحن الشبان الثلاثة ـ في صعيد مصر من بني سويف إلى النوبة في رحلة تدعو إلى المحبة والتسامح، تحضننا المساجد والكنائس والأديرة، ونصلي لأجل المحبة للجميع، كان هناك من يدعو للكراهية، ويُحرم ـ من التحريم ـ نقده هو وجماعته، ويقول إن نقده يعتبر من وجهة نظره الفاسدة حربًا على الإسلام، ويقول (أسكت الله له صوتًا)، إنه لولا حسن البنا لضاع الإسلام، ويصرِّح بما يفسد المودة بين المسلم وأخيه المسلم، ويسب المسلمات غير الإخوانيات، ويصفهم بالأدنى!


كنا مسلمين ومسيحيًّا واحدًا، تُفتح لنا قلوب بعض الناس قبل المساجد والكنائس، الكل مُجمع بما فيهم بعض السلفيين بالمناسبة، أن من يروِّع الآمنين، أو يهاجم دور عبادة الآخرين لا يمكن أن يكون مؤمنًا برب هذا البلد، ويستدلُّون على سماحة الإسلام بقول النبي الكريم، الأمي الذي علَّم العالم، المسلم من سلم المسلمون من "لسانه" ويده.. صحيح أغلبهم لا يكمل الحديث إلى آخره، ولكنه لا يقول المسلمين فقط، وإلا كان مسلمًا أيضًا من لم يسلم غير المسلمين من "لسانه" ويده!
ولكن النبي الصادق الأمين، قال: "والمؤمن من أمنه الناس".. الناس يا من أرسلك الله رحمة للعالمين، لكل الناس، ولمن آمن بدعوتك أن يؤمنه الناس، كل الناس، كانت بداية رحلتنا متزامنة مع جلسة صلح خاصة بكنيسة عين شمس، التي منع البعض من المتعصبين الناس، النصارى في قاموس المصحف الشريف، من افتتاحها للعبادة، وكان رجل وامرأة في قرية نائية ببني سويف، يعزموننا على الشاي في العصاري، ويسألوننا: هل يأمر دينٌ بالقتل؟!
ومشغولين، الرجل والمرأة من نصارى مصر بما ستسفر عنه نتائج المصالحة المزمع عقدها في ذات الليلة، لم نجد أسلحة في الكنائس التي فُتحت لنا، ولا الأديرة التي طوفنا فيها بصحبة قس، أو راهب، ولم نجد في المساجد الكثيرة التي طوفناها من يدعو لقتل الآخر، بل كانت خطبة جمعة الرحيل بالنسبة إلينا في مسجد صغير على ضفاف النوبة، عن الوفاء بالعهد، حضرها رفيقنا المسيحي، وكاد أن يبكي تأثرًا بخطبة الشيخ النوبي، الذي لا يعادي السلفيين، ويحضر موالد الدراويش، ويذهب للكنيسة مهنئًا بالعيد، وعندما انسحب في خلفيتنا ونحن نُصلِّي الجمعة، لم يندهش أحد، فهموا أنه مسيحي، وبعد الصلاة رحَّبوا بنا لأجل حضوره!
فمن يا تُرى يسيء إلى إسلامنا.. نحن أم مدَّعو الدفاع عنه؟ نحن المصريين الثلاثة، أم الإخوان المسلمين وهم بالملايين؟ من يشوِّه صورة الإسلام، أليس من يقوم بإقصاء غير بني جماعته المختلة، عن الإسلام؟ أليس من ينفث السُّم ليل نهار بدعوى الدعوة إلى الله، من يمارس الإسلام بطريقة هي الأقرب إلى الله، من يدعي أنه مُلهم من الله، ويصمت دهرًا ثم ينطق كفرًا؟!
كنا في قنا وضمَّتنا رحاب مسجد سيدي العارف بالله عبد الرحيم القناوي، بينما أرسل الله إلينا الشيخ عمر يوسف إمام المسجد لينقذنا من اتهامات في نوايانا من أستاذ جامعي، هاجمنا لأننا حاولنا التصوير معه، وهدَّدنا بالويل والثبور وعظائم الأمور، إلى أن جاء مولانا الشيخ عمر، وهدّأ من فزعنا، ومنحنا نفحة من المسجد، عبارة عن تسقية عيش شمسي في شوربة فول نابت، وأكلنا ثم حاورنا الشيخ الجليل، وفي نهاية الجلسة وبعد أن فهم الشيخ مقاصدنا ونوايانا الطيبة، كنا نستقل سيارة الأستاذ الجامعي الذي أصرَّ على توصيلنا إلى مطرانية الأرثوذكس في قنا، واعتذر لنا، واعتذرنا له من باب المحبة، ومع ذلك رفض عامل البوابة في المطرانية السماح لنا، بما فينا الصديق المسيحي، بدخول الكنيسة.. فخرجنا غاضبين، نتساءل لماذا تُفتح لنا أبواب الكنائس الكاثوليكية، وتُغلق دوننا أبواب الأرثوذكس، أو على أحسن تقدير ندخلها بصعوبة؟!
من يسيء إلى دينه وهو يحسب أنه يُحسن صُنعًا يجب الحجر عليه، لا وضعه في لجنة التعديلات الدستورية، من يسيء إلى الإسلام ليس من ينتقد سلوكيات بعض المسلمين، لأنهم غير معصومين، وإذا كانت عصمة الأنبياء وهم من هم؟ محل جدل بين المؤمنين، فما بالنا ببشر تغلبه شهوة الشهرة، فيجهر بقول الكفر معتبره قمة الإيمان؟
من يخدم الإسلام أكثر؟ من يقدم نموذجًا للمسلم المسالم الذي يدعو إلى المحبة بين كل البشر، وتحت راية الإسلام أم من يبحث عن أخته المتأسلمة الجديدة ويترك أخته المنتقبة تتسوَّل على النواصي، وباسم الإسلام؟
من يُعزه الله بالإسلام، لا بد وأن يكون داعية محبة وسلام، لا بُغض وحرب، لن أعرض للآيات الدالة على المحبة لا من مصحف ولا إنجيل، ولكن أقول لكم فقط افعلوا معشار ما تردِّدون من آيات، فعلاً لا قولاً، تنصروا الدين أي دين إلهيًّا أو غير إلهي، لأن جوهر الدين هو الضمير، والضمير ليس نوايا أو أقوالاً.. إنما أفعال، فلا تقولوا قولاً صالحًا، ثم تفعلون فعلاً فاسدًا.. الإنسان هو ما يفعل.. لا ما يقول!
وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا الآخر.. وأحبوا الله يحببكم الله، فالله ليس كذلك الذي يتحدَّث عنه المتعصبون من كل دين، الله أجمل من أن يحد كماله بشر، وأكمل أن يحيط بجماله وصف!
فعل المحبة في يقيني هو شرط الإيمان.. والإيمان لا يدافع عنه شيطان، ولا ذئب وإن ارتدى ثوب الحملان.. وبعدها ستجدون جواب السؤال.. من الذي يسيء إلى الإسلام.. جهل بنيه، أم غدر المتربِّصين به؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق