السبت، 30 أبريل 2011

عفوًا نائب "المُضل" العام!


أيمن عبد الرسول
حفظت كتاب الله في الصغر، ودرست تفاسيره في الكبر، وتخصصت في الفلسفة الإسلامية من أجل الدفاع عن العقائد الإسلامية بأدلة عقلية ولم أقرأ آية واحدة تقول إن نقد جماعة الإخوان المسلمين تُخرج فاعلها عن الملَّة، ولم أقرأ في كل كتب الفرق والملل والنحل الإسلامية وصفًا لرئيس عصابة اسمه المرشد العام للجماعة، ولم أعرف أبدًا أبدًا أن جماعة تملك من الجرأة على دين الله ما تملكه جماعة الإخوان المسلمين، حتى وهي قاب قوسين أو أدنى من العرش بفضل ثورة 25 يناير المباركة، وهي تسقط أقنعتها كل يوم، يتحدثون عن التسامح ويكفِّرون منتقديهم، يتحدثون عن المواطنة ويلعنون الأقباط والليبراليين والعلمانيين، نهجهم طوال 83 عامًا وهم يقولون ما لا يفعلون، وبعد ثورة يناير شهد خطاب جماعة الإخوان تطورا خطيرًا ضد معارضيها عبر تصريحات ومقالات قيادات الجماعة على الموقع الرسمي لها بلغ حد تكفير الآخر فشنَّ د. رشاد البيومي نائب مرشد الجماعة حربًا على كتَّاب الرأي المخالفين لفكر الجماعة قائلاً: هؤلاء الكتَّاب والصحف الصفراء يعادون الإسلام ويروِّجون الافتراءات الباطلة كاشفين عن حقد دفين في قلوبهم وأفئدتهم التي أعلنت عن عدائها السافر للإسلام والمسلمين.
قبلها قال أحدهم إننا ننتظر امتلاك الأرض حتى نطبق الحدود، قبلها قال أحدهم: ليه الناس بتخاف لما نقول حكم إسلامي، وهددنا "اللي عنده حساسية من القرآن يقولها بصراحة" ولم يقل لنا ماذا سيفعل مع من لديه حساسية من القرآن، يمكننا القول بأننا أمام أحط تيار سياسي ابتُليَت به مصر، وهو المصدر الرئيسي لكل الحركات الإرهابية على مستوى العالم، فكل إرهابي مسلم تربطه صلة وثيقة بمن قال عنهم حسن البنا، ولا نعرف من سماه إمامًا، ولا من قتله إذا كان قائد جناحه العسكري "النظام الخاص" عبد الرحمن السندي أم غيره، وخصوصًا أن السندي الإرهابي الاحترافي فجَّر زميله وأخاه في الجماعة سيد فايز عندما فصله البنا من قيادة التنظيم السري.
ونعود إلى التاريخ لنتهمهم بما هو فيهم، ففي الثاني والعشرين من مارس 1948.. قام التنظيم السري باغتيال قاضٍ مدني وهو القاضي أحمد بك الخازندار وهو يعبر الطريق على يد عضوي الجماعة حسين عبد الحافظ ومحمود زينهم اللذين عوقبا بالأشغال الشاقة المؤبدة لكليهما.. وقد تم اغتيال القاضي بعدما حكم في قضية كان أحد أطرافها عضوًا في جماعة الإخوان المسلمين.
برئاسة الدكتور عبد العزيز كامل عقدت الجماعة جلسة محاكمة لعبد الرحمن السندي المسؤول الأول عن التنظيم السري - الذي يتلقى أوامره من المرشد العام حسن البنا مباشرة – وحينما سألوا السندي هل تلقيت أمرًا بقتل القاضي أحمد الخازندار فقال أنا سمعت فضيلة المرشد يقول: "لو كان ربنا يريحنا منه.. وأهو ربنا ريحنا منه عن طريق الجهاز"، أنا ظننت أن فعلاً كهذا سيسعد فضيلته، فاتجهوا لفضيلة المرشد فأجهش فضيلة المرشد حسن البنا بالبكاء لأن الرجل كان قد فهمه خطأ، وذكر محمد فريد عبد الخالق الذراع اليمنى لحسن البنا أنه لم يرَ المرشد مهمومًا طيلة حياته مثل هذه اللحظات، فقالوا لعبد الرحمن السندي لا تنفذ أي عمليات في المستقبل إلا بأمر من المرشد العام شخصيًّا أو أمر بموافقة الخمسة الأعضاء وحكمت الجماعة بدفع الدية لأسرة المقتول وأقروا في نفس الجلسة أن الحكومة عليها دفع هذه الدية لأنها من أموال الشعب وأغلق الموضوع.. وخرج حسن البنا مرشد عام الإخوان المسلمين والمرشح الأول لمنصب خليفة المسلمين في حال قيام دولة الخلافة في لقاء الثلاثاء وهو لقائه بالجماعة من كل أسبوع ليخطب فيهم خطبة تقوي إيمانهم، وأنكر قيام الجماعة باغتيال القاضي أحمد الخازندار … إلى أن أُثبِتت التهمة وتم الحكم على الفاعلين بعد خمسة أشهر.
في الخامس عشر من نوفمبر 1948 أمسكت الشرطة سيارة جيب بها مستندات تخص جماعة الإخوان المسلمين.. عبارة عن مخطَّطات تفجير سفارتي أمريكا وبريطانيا وأماكن أخرى.. ومستندات كل عمليات التفجير التي تمت في الآونة الأخيرة، فضلاً عن بعض القنابل والمتفجرات.. والأهم من ذلك القبض على ثلاثة من رجال الإخوان كان أهمهم مصطفى مشهور أحد الخمسة المؤسسين والمسؤولين عن التنظيم السري بالإضافة إلى أحمد عادل كمال وآخر.
 في الرابع من ديسمبر 1948 جرت مظاهرة بكلية الطب بجامعة فؤاد (القاهرة) فقاد اللواء سليم زكي - حكيمدار شرطة القاهرة - قوات الأمن لفض المظاهرة.. وإذا بطالب ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين يلقي عليه بقنبلة من الطابق الرابع فسقطت أمامه فمات على الفور.. وكما يقول محمود الصباغ في تبريره لتلك الواقعة: "كان إلقاء القنابل في المظاهرات من جانب المتظاهرين في هذه الأيام أمرًا عاديًا".. اشتعل الموقف بعد هذا الحادث بين الحكومة السعدية والإخوان مما دعا حسن البنا أن يطلب من رئيس مجلس النواب حامد جودة في نفس اليوم التوسط لدى محمود النقراشي باشا رئيس الوزراء لبدء صفحة جديدة بين الجماعة والوزارة.. لكن جودة رفض مطلبه... حاول البنا الاتصال بالملك فاروق أو بإبراهيم عبد الهادي رئيس الديوان الملكي في محاولة لاحتواء الأزمة.. ولكن دون فائدة.
 في السادس من ديسمبر 1948 أي بعد يومين من الحادث صدر الأمر بإغلاق صحيفة الإخوان … وفي نفس اليوم خرجت جريدة الأساس.. جريدة الحزب الحاكم بعنوان.. "أخبار سارة ستذاع قريبًا".. فساد التوتر تصرفات الجماعة وحاول حسن البنا فعل أي شيء لإنقاذ الموقف بعدما شعر بخطورته.. ولكن دون فائدة.
 في الثامن من ديسمبر 1948 أي بعد يومين آخرين وبالتحديد في الساعة العاشرة مساءً اتصل عبد الرحمن عمار وكيل وزارة الداخلية بالمرشد حسن البنا ليبشره بأن أخبارًا سارة ستذاع في الراديو بعد قليل من شأنها إنقاذ الموقف.. فشكره حسن البنا.
 تجمع قادة الجماعة ومعظم المنتمين لها بالمقر العام بالدرب الأحمر - بقلب القاهره – وإلتفوا جميعًا حول الراديو … في إنتظار الأخبار التي سيذيعها الراديو.
في الساعة الحادية عشرة من مساء يوم الثامن من ديسمبر 1948 أذاع راديو القاهره أمر الحاكم العسكري العام رقم 63 لسنة 1948 بحل جماعة الإخوان المسلمين بكل فروعها في البلاد ومصادرة أموالها وممتلكاتها.
 بعد أقل من عشر دقائق خرج الإخوان من المقر العام فوجدوا أن المكان قد تم حصاره من جميع الجهات وأنهم وقعوا في الفخ وتم القبض عليهم جميعًا …. ما عدا حسن البنا.. المرشد العام ومؤسس الجماعة.
 شعر حسن البنا بأن مؤامرة أخرى تحاك ضده ويحتاجونه وحيدًا ولذلك لم يقبضوا عليه.. فحاول التشبث بسيارة الشرطة وتوسل إليهم ليقبضوا عليه مع باقي أفراد الجماعة… لكنهم أبعدوه.
وكما قال محمد فريد عبد الخالق.. إن حسن البنا طلب من الحكومة طلبًا رسميًّا بأن يعتقلوه بصفته رئيس الجماعة وهو المسؤول الأول عن الجماعة بعدما شعر بالخطر.. ولكن طلبه قوبل بالرفض.
قرر الإخوان المسلمين الانتقام من النقراشي باشا رئيس الوزراء ردًّا على قرار حل الجماعة والذي رأوا فيه اعتداء على الدين واعتداء على شرع الله - حسبما ذكر ممثل الادعاء عبد الله رشوان.. كما أنهم رأوا أن قرار حل الإخوان لا يصدر عن مؤمن- كما ذكر محمود الصباغ أحد قادة التنظيم السري، وأنهم رأوا أن شخصًا مثل النقراشي باشا بكل هذا الطيش والعناد وعدم ملاحظة الاعتبارات لا بد أن يزاح عن الطريق بأي ثمن.. كما قال جمال البنا الشقيق الأصغر لحسن البنا.
كان محمود فهمي النقراشي باشا رئيس الحزب السعدي ورئيس الوزراء والحاكم العسكري العام فضلاً عن كونه وزير الداخلية ووزير المالية في وزارته.. قد شعر بالخطر فبدأ يشدد الحراسات حوله تحسبًا لفعل إخواني كردة فعل على قرار حل الجماعة.
 ولم يشأ العام أن ينتهي بكل هذه الكوارث فقط.. ففي العاشرة من صباح يوم الثلاثاء الثامن والعشرين من ديسمبر 1948 وفي بهو وزارة الداخلية تنكر شاب من شباب الإخوان المسلمين في زي ضابط وقام بإطلاق الرصاص على النقراشي باشا بين أفراد حراسته فأرداه قتيلاً.
 زاد الاحتقان بين الجماعة وكل الناس تقريبًا.. فالجميع يلتزم الصمت في ترقب وانتظار لحادث إرهابي جديد من الإخوان.. تم حصار المرشد العام حسن البنا في بيته.. ثم تم القبض على عبد الرحمن السندي مسؤول النظام الخاص.. وتولى سيد فايز مسؤولية النظام الخاص.
في صباح يوم الثالث عشر من يناير 1949 قام شفيق أنس أحد المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين بحمل حقيبة وذهب بها إلى محكمة الاستئناف بباب الخلق بوسط القاهرة.. وادعى بأنه مندوب من إحدى مناطق الأرياف جاء بقضايا للعرض على النائب العام.. وترك الحقيبة في المكتب بداخل المحكمة وذهب بحجة تناول الإفطار.. وبعدما غادر المكتب بدأت شكوك الموظفين بالمكتب حول الحقيبة.. فتم استدعاء الأمن.. أخذوا الحقيبة خارج المحكمة وانفجرت بالشارع العام.. وبعد القبض على شفيق أنس اعترف بأن الغرض من التفجير كان نسف المحكمة وذلك للتخلص من أوراق ومستندات قضية السيارة الجيب … وكان ذلك بأمر من سيد فايز مسؤول التنظيم.
 قام عبد العزيز باشا علي ومصطفى بك مرعي بزيارة المرشد العام حسن البنا في بيته – حسبما أورد رفعت السعيد - ولا يعلم ما دار بينهم إلا الله.. فخرج حسن البنا في اليوم التالي ببيان تم توزيعه في الصحف يقول فيه حسن البنا المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين … ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين … واصفًا رجال التنظيم السري أو الجهاز الخاص الذي أنشأه البنا بنفسه قبل أكثر من عشر سنوات هي عمر أعمال الإرهاب والعنف بمصر على يد هذا التنظيم.
 وكان من الطبيعي أن تفكر كل الأطراف في التخلص من حسن البنا.. وقد كان.
 السؤال: ما هدف جماعة الإخوان المسلمين الذي قامت من أجله؟ الإصلاح أم إرهاب الآخر وفرض الرأي عليه بالقوة؟ حوار العقل أم حوار المدافع؟ ثقافة الدين أم ثقافة الدم؟ إن كان الغرض هو الإصلاح.. فلماذا تم إنشاء التنظيم السري أصلاً.. لماذا تم إنشاء وحدة عسكرية داخل تنظيم ديني دعوي إصلاحي؟ النظام الخاص لم يكن يستطيع تنفيذ أي عمليه دون علم وأمر من المرشد العام.. فقد أورد خالد محيي الدين بأن عبد الرحمن السندي المسؤول الأول عن التنظيم السري قال له: "أنت تتلقى الأوامر مني وأنا آخذها من المرشد رأسًا"، وكان ذلك في جلسة حلف اليمين التي رافقه فيها جمال عبد الناصر. إذًا المرشد يعلم بكل شيء، بل هو صاحب الأوامر.. إن كانوا دعاة للخير فلماذا يقتلون كل من اختلف معهم أو حاول حتى أن يختلف معهم؟ إن كان المرشد هو من يعطي الأوامر بالقتل في سبيل الوصول للسلطة.. فلماذا قال عن رجاله الأشداء.. ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين؟!
ما أشبه اليوم بالبارحة.. يبدؤون بتكفيرنا ثم يتهمون الآخرين باغتيالنا في القريب العاجل!!
وختامًا:
إذا ما ضاق صدرك من بلاد .. ترحَّل طالبًا بلدًا سواه
عجبت لمن يقيم بأرض ذلٍّ .. وأرض الله واسعة فضاها
فذاك من الرجال قليل عقل .. بليد ليس يدري ما طحاها
فنفسك فز بها إن خفت ضيمًا .. وخلِّ الدار ينعى من بناها
فإنك واجد أرضا بأرض .. ونفسك لا تجد نفسا سواها
مشيناها خطى كتبت علينا .. ومن كتبت عليه خطى مشاها
ومن كانت منيّته بأرض .. فليس يموت في أرض سواها

الجمعة، 29 أبريل 2011

حكومة شرف و- عدم اللا مؤاخذة - الحمار!!



أيمن عبد الرسول
يُحكى أن ملكًا لديه حمار عزيز عليه أراد أن يعلمه القراءة والكتابة فأرسل المنادي ينادي في الناس من لديه القدرة على تعليم الحمار وله المكافأة والعيش الرغيد.. ومن يتقدم بذلك ويفشل فليس له إلا القتل.. فخاف الناس وتقدم جحا لتحمل المسؤولية وتعليم الحمار وقبِل بشروط الملك إما أن يعلِّم الحمار وإما أن يقتل، غير أن جحا اشترط على الملك أن يعطيه فرصته في تعليم الحمار وطلب منه خمسين عامًا لذلك، فوافق الملك على شرط جحا فأخذ جحا الحمار ومعه الذهب والأموال والقصر، وسرعان ما شد عليه العربة وعمل بالحمار في السوق لنقل حوائج الناس والملك يتفرج ولا يستطيع أن يفعل شيئًا لجحا.. فجحا أمامه عشرات السنوات للمحاسبة والناس يسألون جحا: ماذا ستفعل مع الملك وعقابه الشديد والحمار لم يبدأ في التعليم، فقال جحا ثلاثيته المشهورة: يا إما.. يا إما.. يا إما.. ماذا تقصد يا جحا؟ قال الناس، فرد جحا: يا إما يموت الملك.. يا إما يموت الحمار.. يا إما أموت أنا.. خلال تلك الفترة.
هذه الرواية تنطبق بنصها على أوضاع مصر الحالية، في ظل حكومة مؤقتة، تم اختيار رئيسها من جمهورية ميدان التحرير المستقلة، ليحكم مصر التي كانت مستقلة أيضًا، ويدير سياستها في هذه اللحظة الحرجة بمنطق عجيب ومثير للشفقة والدهشة معًا، ورغم مرور وقت قصير على تفعيل آليات الحكومة التي اختارها وصدق على وزرائها شعب ميدان التحرير الذي ليس هو كل مصر بالمناسبة، فلقد أقسم شرف اليمين في يوم الجمعة وأمام جموع المحتفلين بتوليه رئاسة الحكومة، ودافع عنه الثوار بأدلة عاطفية لا علمية ولا سياسية، وما فتئ يختار وزراء حكومته المؤقتة، والتي تدير شؤون البلاد لفترة انتقالية، وهو - شرف نفسه - كان أحد وزراء حكومة نظيف، وخرج من وزارة النقل والمواصلات عقب كارثة، إلا أن الثوار استوصوا به خيرًا واستخدموا نفس المنهج السلفي في الإيمان بمعجزات الدكتور شرف، وبعيدًا عن خطابه المتأسلم والممالئ لمشاعر الفريق الأكبر عددًا في ملعب الوطن الذي لا نعرف غده، وبعيدًا عن إدارته الفاشلة لأزمات حادة مرَّت بها أسابيع ولايته، وبعيدًا عن سياسة "العيش والملح" التي ينتهجها في حل قضايا الوطن الداخلية، ولا أعرف لماذا لم يذهب معالي رئيس الوزراء إلى قنا لحل أزمة المحافظ القبطي المرفوض من الجماهير المسلمة، ولماذا لم تصوِّره عدسات الإعلام المصري الذي لم يزل يطبِّل لكل من يصعد على مقعد الحكم أو الحكومة وهو يأكل بعد مشاهد الفول في وسط البلد، والثريد السيناوي، أم أن قنا ليست لها أكلة مميزة تغري بالتصوير؟
بصراحة لم أستطع منع نفسي من كتابة هذا المقال، ويبدو أننا سنظل في صف المعارضة مهما كلفنا الأمر من ممانعة الثوار، ومحترفي المزايدة في كل حين، المهم عندما قرأت هذه التصريحات للأخ الدكتور المهندس عصام شرف وهو يعدنا من السعودية بتحسُّن الأحوال، في ظل مقدمات غاية في الإحباط، فتعالوا معي نقرأ تصريحات رئيس الوزراء المصري، لدى زيارته للجالية المصرية بالمملكة العربية السعودية.
أكد الدكتور عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء، أن مستقبل مصر واعد جدًّا، مشيرًا إلى أن تنبؤات التقارير العالمية تشير إلى أن مصر إن لم تكن الأولى في سنة 2050 فإنها ستكون من الدول الأولى اقتصاديًّا بالعالم، وأنه في عام 2020 - 2030 ستكون من الـ15 دولة الأولى في العالم، وهو ما يؤكد أن مستقبل مصر مطمئن.
ولا تعليق!
وأشار الدكتور شرف، خلال لقائه أعضاء الجالية المصرية بالسعودية بدار سكن السفير المصري بالرياض محمود عوف، إلى أن ما يقلقه في الفترة الحرجة الحالية يتمثل في الذين شعروا أن مصالحهم بدأت في الانتهاء، مؤكدًا أن هذا الوقت نحتاج فيه جميعًا إلى تضافر كل الجهود، للخروج من الأزمة الراهنة، لافتًا إلى أن الفترة المطلوبة للخروج من الأزمة لا تتجاوز 6 أشهر أو سنة على أكثر تقدير(لديَّ سؤال للذين هاجوا وماجوا ضد الفريق أحمد شفيق: ألم يقل شفيق نفس الكلام؟! صحيح (حبيبك يبلع لك الزلط.. وعدوك يتمنى لك الغلط!).
وقال شرف: إن منهجه في الحل، قاله قبل عام (لا نعرف قاله لمن، وبأي صفة) ويكمن في أنه من خلال المصارحة ثم المصالحة، فالإصلاح يأتي بالصلاح (!!)، مشيرًا إلى أن أهم المشكلات التي تقابلها الحكومة الحالية، هو مدى الاحتياج إلى التصالح مع الشعب المصري، مشددًا على أن المشروع القومي المناسب لمصر حاليًا هو تكسير الفجوة الكبيرة جدًّا، التي لو لم تتضاءل فإن الإصلاح لن يظهر (هل نحل هذه الفجوة بالصلاح، والخطب الرنانة والتراجع عن قرارات الحكومة أمام التيار السلفي؟!).
وأكد شرف أن أولوية الحكومة حاليًا وهدفها الأول في الحقيقة يكمن في الفقراء، وسرعة تقديم الخدمات لهم بأقصى سرعة، وتقديم جودة حياة على درجة مقبولة، تتناسب مع كونهم مواطنين مصريين (لا تعليق).
وأكد رئيس الوزراء أن وضع مصر من الناحية السياسية مطمئن (أكيد يتحدث عن بلد آخر.. ربما جمهورية ميدان التحرير)، مشيرًا إلى أن مصر تحاول أن تصعد السلَّمة الأولى في دولة القانون، مشددًا على أنه لا أحد فوق القانون أيًّا من كان.
وأشار إلى أن الاستفتاء الذي حدث بغض النظر عن توقيته أو بغض النظر عن نتائجه أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن الديمقراطية هي طريق لا رجوع عنه.
وبالنسبة للوضع الاقتصادي الذي تمر به مصر حاليًا أوضح الدكتور شرف أن الرغبات والاستعجال والتي هي في جملتها حقوق مشروعة انعكست على الحالة الاقتصادية التي تأثرت سلبًا بقلة الإنتاج والتصدير، وكذلك تأثرت السياحة، وأصبح الوضع الاقتصادي في موقف حرج (معاليه قال من كام سطر الوضع السياسي مطمئن، وأريد خبير سياسي يقول لي كيف يكون الوضع السياسي مطمئنًا في ظل وضع اقتصادي حرج؟!).
يقول المصريون تعبيرًا عن يأسهم من أمر ما "موت يا حمار.. على ما يجيلك العليق". ها نحن أمام الحمار "حمَّال الأسية" مرة أخرى، إلا أن القافية التي بدأت بها هذا المقال هي التي حكمت، بأن يكون عنوانه كما كتبته، مع الاعتذار للحمار، فقط لأنه الوحيد الذي يتم استغلاله، على طريقة جحا، ونتقابل بعد أربعين سنة، إما حكومة شرف تُقال أو تموت، وإما الملك عدم اللامؤاخذة يموت، ويبقى الحمار لا يتعلم أبدًا، ثم يموت أيضًا في النهاية، وكلنا لها، المهم أن مصر لا تموت، ولكنها تعلمنا وتعلم فينا!
وختامًا: نعيب زماننا والعيب فينا
وما لزماننا عيب سوانا
ونهجو ذا الزمان بغير ذنب
ولو نطق الزمان لنا.. هجانا!!

الأربعاء، 20 أبريل 2011

و"قنا" عذاب النار!



أيمن عبد الرسول

بعد كام سنة هنقول لولادنا: فاكرين لما حصل عندنا هوجة، قلنا عليها في الأول ثورة ثم اكتشفنا إنها كانت هوجة، حذرنا في بدايتها من وصول الإسلاميين للحكم فقال لنا من صدقوا أنهم ثوار: بس يا بتوع الفزاعة، مش ممكن.. دا الإسلاميين قليِّلين في الميدان، وانتوا ثورة مضادة، وفلول.. وحاكمونا على عمق رؤيتنا، ورغم أني ومعي قليلون قلنا ما نؤمن به، ورغم عمق رؤيتنا وسطحية وسذاجة الثوريين الأغبياء المثاليين في الوقت ذاته الذين كنت أُشفق عليهم وأقول: "اللهم اهدِ الثورجية فإنهم لا يعلمون ولا يفقهون"، ووصل الحال بأحد أصدقائي الذين أعمت أعينهم غشاوة الانتصار للحق بالباطل أن كتب تعليقًا على مقالي "الفوضى أو الانقلاب" قال فيه: أعرف أنك أكثر خطرًا على الثورة من ألد خصومها!
ما علينا ـ أو قل علينا ـ نحت القوافي من مقاطعها وليس علينا إذا لم يفهم (عدم اللا مؤاخذة) البقر، ما حدث ضد إخوتنا الأقباط منذ 25 يناير وحتى الآن في عيدهم بصراحة ودون مواربة هو عرض جانبي من عبقرية الذين استفادوا من الهوجة التي سميناها ثورة، وهي في الحقيقة فوضى، ومسؤول عنه بشكل مباشر الحماسيون الذين كانوا يهتفون في ميدان التحرير: أمن الدولة يا أمن الدولة إحنا الأمن وإحنا الدولة، وهم أنفسهم من ساهموا بجهلهم السياسي، وغشمهم الوطني في هدم وحرق جهاز مباحث أمن الدولة مع السلفيين والإخوان أصحاب الثأر الحقيقي مع الجهاز القديم، وبعد أن قضوا على الأمن، تركوا الإخوان والسلفيين يقضون على الدولة، ويعلنون أن قنا إمارة إسلامية ويرفعون علم طالبان، ويكسبون غزوة الصناديق بتعبير الشيخ حسين إسرائيل، ويكسبون غزوة قنا باستقالة المحافظ القبطي الذي رفضه الصعايدة لأنهم طائفيون، متعصبون، متسلفنون، وغدًا بعدما يقهرون الأقباط هناك سيلتفتون إلى الأضرحة الصوفية يهدمونها، كما حرقوا بيوت البهائيين من قبل الثورة ومن بعدها.
مراجعة سريعة لما يحدث الآن في بر مصر ضد الأقباط والليبراليين والعلمانيين والصوفيين، والشيعة، كل الأقليات التي لا ترضى عن ممارسات الإسلام السياسي، لا بد أن تلعن الثورة والذين قاموا بالتحريض عليها والترويج لنجاحها، وكأن الإسلاميين وضعونا في سجن طرة كلنا مع رموز النظام السابق، ولكننا نحاكم ونعدم بعد محاكمة عادلة صوريًّا على مواقفنا، تخيل أنت تُحاسب من جهة مختلة على موقفك المختلف، هذا ما فعلته بنا فوضى 25 يناير، وستستمر فعالها بجبن القائمين عليها، ولا تحملهم المسؤولية التاريخية لأنهم في النهاية كانوا السلالم التي صعدت عليها جماعات التكفير والجهل والتخلف واللا إنسانية التي تنتسب إلى الإسلام، والتي تقوم بدور أبلغ من الدنمارك والنرويج وأي دولة تسيء إلى الإسلام، والحق أقول لكم: إن إساءات الشيخ إسرائيل، وحجازي وصبحي صالح ومحمود عزت نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، حيث لا إخوان ولا مسلمين، وشباب السلفيين في قنا وصول والمنيا حيث اشتعال الطائفية الآن، كل إساءاتهم للإسلام أشد ضررًا من أي إساءة وجَّهها لنا عدو من الخارج!
الإخوة والأخوات: نقدم اعتذارًا واجبًا لكل ضحايا فوضى 25 يناير، من الأقباط الذين يقضون أيام عيدهم في قلق بالغ على مستقبل هذا الوطن، ما بين الباحثين عن الهجرة أو الحالمين بالإصلاح، وعلى الذين قادوا هذه الفوضى أن يدافعوا عن مكتسبات فوضاهم أو ثورتهم، أو ليصمتوا إلى الأبد، ويعتذروا عما جنوه في حق هذا البلد لأنهم كانوا وما زالوا كالأنعام ـ بل هم أضل ـ لأنهم كانوا يحسبون أنهم يحسنون صنعًا، وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض، قالوا إنما نحن مصلحون، ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون!
ماذا يريد الشعب السلفي الإخواني بعد اليوم، التمكين الذي عبر عنه نائب المُضل/ المرشد العام، بامتلاك الأرض، ولم يكفِهم سرعة كشف خطة التقويض والتمكين اللتين حققتهما فوضى يناير، بل وصلت البجاحة إلى أن صبحي صالح المحامي الذي وضعه المجلس الأعلى للقوات المسلحة في لجنة تعديل الدستور، يقول: لماذا تخافون من الحكم الإسلامي؟ واللي عنده حساسية من "القرآن" يقولها بصراحة، في تهديد صريح، وقبل أن يمتلكوا الأرض، لمن يختلف معهم بأنه يختلف مع الله والقرآن، ألا بئس ما يحكمون، وما حدث في قنا من رفض لمحافظ كل تهمته أنه قبطي رسالة واضحة من سفهاء السلفية، أو السلفية السفيهة، أو دعاة السفه من السلفيين، إلى كل من تسوِّل له نفسه أن يفعِّل القانون والدستور، وتحياتنا إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير البلاد مناصفة مع التيارات الظلامية، ويساومونه على أمن البلاد ويكسبون منا تحت مظلته غزوات وغزوات، والبقية تأتي، وإذا حاول الأقباط أن يصرخوا، قمعهم الجيش والسلفيون معًا وما حادثة المقطم ببعيدة!
اللهم "قنا" عذاب النار، ولا نعلم أي محافظة أخرى عليها الدور في أن تطاولها نار الطائفية، التي يشعلها مشايخ السلفية، السفهاء، ويستثمرها الإخوان دون تدخل مباشر، إنها الحرب الأهلية التي تبدأ بالاقتتال الطائفي، والقتل على الموقف ثم تنتهي إلى التقسيم، وساعتها سأقدم نفسي قربانًا على مذبح هذا الوطن، فداءً لمستقبل أولادنا الذين لا ذنب لهم إلا أننا أحضرناهم من عالم الغيب، إلى عالم الفوضى ووقتها لن يُجدي الندم ولا ينفع الاعتذار.. وسننادي في الشوارع باللعنة على الثوار!!
وختامًا:
علينا نحت القوافي من مقاطعها
وما علينا إذا لم يفهم البقر
و: متى يبلغ البنيان يومًا تمامه
إذا كنت تبني وغيرك ـ ملايين ـ يهدمون